للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلبها منا بأمر الله تعالى. و (نكره أن ندعه .. ) إلى آخره؛ معناه: نكره العدول عنه مدة بقائه، فما فيه دليل على جواز الكذب الصريح، ولا سيما إذا كان في المعاريض مندوحة (١).

وفي الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعًا محسنًا: "لا يحل الكذب إلا في ثلاث: في الحرب، والكذب للزوجة، والكذب ليصلح بين الناس" (٢)، وروى الزهري، عن حميد، عن (أمه) (٣) أم كلثوم قالت: ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في الكذب إلا في الثلاث، كان يقول: "لا أعدهن كذبا" فذكرتهن (٤).

قَالَ ابن بطال: سألت بعض شيوخي عن معنى هذا الحديث فقال لي: الكذب الذي أباحه في الحرب هي المعاريض التي لا يفهم منها التصريح بالتأمين؛ لأن من السنة ""المجمع عليها أن مَنْ أَمَّنَ كافرًا فقد حقن دمه، ولهذا قَالَ عمر بن الخطاب: يتبع أحدكم العلج حَتَّى إذا اشتد في الجبل قَالَ له: مترس؛ ثم يقتله والله لا أوتى بأحد فعل ذَلِكَ إلا قتلته.

قَالَ المهلب: وموضع الكذب في الحديث قول محمد بن مسلمة: (قد عنانا وسألنا الصدقة)؛ لأن هذا الكلام يحتمل أن يتأول منه اتباعهم له إنما هو للدنيا على نية كعب بن الأشرف، وليس هو كذب محض بل هو تورية ومن معاريض الكلام؛ لأنه ورى له عن الجزاء الذي اتبعوه له في الآخرة، وذكر العناء الذي يصيبهم في الدنيا والنصب، وأما الكذب


(١) "المتواري" ص ١٧٣.
(٢) "سنن الترمذي" (١٩٣٩).
(٣) من (ص ١).
(٤) رواه الطبراني في "الصغير" ١/ ١٢٧ (١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>