للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنكشف الأمر الواضح الجلي. وقال الهذلي:

وَرَمَيتُ فَوْقَ مُلاءَةٍ مَحْبُوكةٍ … وَأَبَنْتُ للأشْهادِ حَزَّةَ أَدَّعِي

يقول: أبنت لهم قولي: خذها وأنا ابن فلان. وحزة: يعني ساعة أدعي إلى قومي، ولا يقول مثل هذا إلا الشجاع البطل، والعادة عند العرب أن يعلم الشجاع نفسه بعلامة في الحرب يتميز بها عن غيره ليقصده من يدعي الشجاعة فأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه بالنبوة المعصومة وبنسبه الطاهر، فقال ذَلِكَ ليقوي قلب من تمكن الشيطان منه فاستزله فانهزم، ولذلك نزل - صلى الله عليه وسلم - بالأرض؛ لأن النزول غاية ما يكون من الطمأنينة والثقة بالله، ليقتدي به المؤمنون فيثبتوا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز عليه من كيد الشيطان أن يقذف في قلبه خوفًا تزل به قدمه، أو ينكص على عقبيه فينهزم؛ لأنه على بصيرة من أمره، ويقين من نصر الله له، وإتمام أمره ومنعه من عدوه، وقد سلف هذا المعنى (١).

ووقع في الداودي: فلما غشيه المشركون تولى، يعني: أبا سفيان بن الحارث. قَالَ: وليس هذا في أكثر الروايات، وهذا لم يروه أحد غيره، والمعروف في الروايات: (فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول: "أنا النبي لا كذب") إلى آخره، وفي "النوادر": قَالَ محمد بن عبد الحكم: لا بأس بالافتخار عند الرمي والانتماء للقبائل والرجز (٢)، وكل ذَلِكَ إذا رمى بالسهم وظنه مصيبًا أن يصيح عليه، وبالذكر لله أحب إلي، وإن قَالَ: أنا الفلاني. لقبيلته فذلك جائز كله مستحب، وفيه إغراء لبعضهم ببعض.


(١) "شرح ابن بطال" ٥/ ١٩٩ - ٢٠٠.
(٢) "النوادر والزيادات" ٣/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>