للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث الأول سلف في الحج في باب: توريث دور مكة، والثاني من أفراده، وقال الدارقطني فيه: غريب صحيح. قَالَ ابن أبي صفرة: لما أسلم أهل مكة عام الفتح مَنَّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك أموالهم ودماءهم، ولم ينزل في شيء منها لمنه عليهم بها ونزل في الوادي، وكذلك كان يفعل بهوازن لو بدرت بإسلامها، فلما استأنت قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغنيمة بين أصحابه، فلما جاءوا بعد القسمة خيرهم في إحدى الطائفتين: المال، أو السبي، فاختاروا النبي، فقضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم واستطاب أنفس أصحابه وقال: "من لم تطب نفسه فليبق إلى أول مغنم يفيئه الله علينا" (١)، وقضى لأهل مكة بأموالهم، ولم يستطب نفوس أصحابه؛ لأنه مال الله على اجتهاده لا شيء للغانمين فيه إلا أن يقسمه لهم لقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] فآتاهم بهذِه الآية أرض خيبر فقسمها بينهم، ونهاهم في مكة فانتهوا، ونهاهم عمر عن الأرض المغنومة بالشام والعراق بهذِه الآية، فلم يقسمها لهم (٢).

قَالَ ابن المنير: وجه مناسبته للترجمة على وجهين: إما أن يكون - صلى الله عليه وسلم - سئل أن ينزل بداره بمكة، وهو مبين في بعض طرقه.

وقوله: ("وهل ترك لنا عقيل منزلًا") بيِّنٌ؛ لأنه إذا ملك مستولى عليه في الجاهلية من ملكه - صلى الله عليه وسلم -، فكيف لا يملك ما لم يزل له ملكًا أصالة، وإما أن يكون سُئل هل ينزل من منازل مكة شيئًا لأنها فتحت عنوة؟ فبين أنه منَّ على أهلها بأنفسهم وأموالهم فتستقر أملاكهم عليها


(١) رواه أبو داود (٢٦٩٤)، والنسائي ٦/ ٢٦٢.
(٢) "شرح ابن بطال" ٥/ ٢١٧ - ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>