كما كانت، وعلى التقديرين فأهل مكة ما أسلموا على أملاكهم ولكنه مَنَّ عليهم ثم أسلموا، فإذا ملكوا وهم كفار بالمن فملك من أسلم قبل الاستيلاء أولى.
وحديث عمر مطابقته بينة غير أن عبد الرحمن وعثمان لم يكونا من أهل المدينة ولا دخلاها في قوله:(قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام)، والكلام عائد على عموم أهل المدينة لا عليهما (١)، قال المهلب: وإنما أدخل هنيا تحت هذِه الترجمة؛ لأن أهل المدينة أسلموا عليها، فكانت لهم أموالهم، ألا ترى أنه ساوم بمكان المسجد بني النجار وقال:"ثامنوني بحائطكم" فأوجبه لهم، وكذلك قَالَ عمر:(إنها لأرضهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام). فأوجبها لهم.
وهذا كله شاهد للترجمة أن من أسلم في أرض الحرب فأرضه له ما لم يُغْلَب عليها، وقد سئل مالك عن إمام قبل الجزية من قوم فأسلم منهم أحد أيكون له أرضه وماله؟ فقال مالك: ذَلِكَ يختلف؛
أما الصلح فمن أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة فمن أسلم منهم فماله وأرضه فيء للمسلمين؛ لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم فهي لمن عليهم، وأما أهل الصلح فإنهم قوم منعوا أنفسهم وأموالهم حَتَّى صالحوا عليها فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه. وقول مالك في هذا إجماع من العلماء كما قاله ابن بطال.
واختلفوا فيما إذا أسلم في دار الحرب وبقي فيها ماله وولده، ثم خرج إلينا مسلمًا وغزا مع المسلمين بلده؛ فقال الشافعي وأشهب