للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها، وإن كان الفقر أفضل لما كان - صلى الله عليه وسلم - يختار (أحسن) (١) المنزلتين عند الله على أرفعهما.

بل كان يقسم أمواله وأصوله على أصحابه، ولا سيما بين ذوي الحاجة منهم، فبان فساد قول من منع اتخاذ الأموال وادخار الفضل عن قوت يوم وليلة.

ووضح خطأ من زعم أن التوكل لا يصح لمؤمن على ربه إلا بأن (لا) (٢) يحبس بعد غدائه وعشائه شيئًا في ملكه، وأن احتباسه ذلك يخرجه من معنى التوكل، ويدخله في معنى من أساء الظن بربه.

ولا يجوز أن يقال: أن أحدًا أحسن ظنا بربه من الشارع، ولا خفاء بفساد قولهم. فإن اعترضوا بحديث ابن مسعود مرفوعًا: "لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا (٣) " فمعناه لا تتخذوها إذا خفتم على أنفسكم باتخاذها الرغبة في الدنيا، فأما إذا لم تخافوا ذَلِكَ، فلا يضركم اتخاذها بدليل اتخاذ سيد الخلق لها.

فإن قيل: قد روى مسروق عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال: "أطعمنا" فقال: ما عندي إلا صبر تمر خبأناه لك قَالَ: "أما تخشى أن يخسف الله به في نار جهنم".

قَالَ: "أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالًا" (٤) قيل: كان


(١) في (ص): آخر.
(٢) من (ص).
(٣) رواه الترمذي في (٢٣٢٨)، وأحمد ١/ ٣٧٧ وصححه ابن حبان ٢/ ٤٨٧ (٧١٠) والحاكم ٢/ ٣٢٢ ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٢).
(٤) رواه البزار في "مسنده"٥/ ٣٤٩ (١٩٧٩) والبيهقي في "شعب الإيمان" ٢/ ١٧٢ وعزاه صاحب "الكنز" للطبراني في "الكبير" ولم أقف عليه: (كنز العمال ١٦١٨٨) وقال الألباني في "الصحيحة" (٢٦٦١): وجملة القول، أن الحديث صحيح بمجموع طرقه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>