للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وترك خلافه. وكذلك فعل علي لما صار الأمر إليه حمل الناس عليه على ما ثبت في الباب (١).

قَالَ المهلب: الأثرة بينة في هذا الحديث، وذلك أن ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما استخدمته خادمًا فعلمها من تحميده وتكبيره ما هو أنفع لها بدوام النفع، وآثر ذَلِكَ الفقراء الذين كانوا في المسجد قد أوقفوا أنفسهم لسماع العلم، وضبط السنن على شبع بطونهم لا يرغبون في كسب مال ولا راحة عيال، فكأنهم استأجروا أنفسهم من الله بالقوت. فكان إيثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم وحرمان ابنته دليلًا واضحًا أن الخمس موقوف للأوكد فالأوكد، وليس على من ذكر الله بالسوية كما قَالَ الشافعي؛ لأنه آثر المساكين على ذوي القربى، وهم مذكورون في الآية قبلهم، وإنما الأمر موكول إلى اجتهاده - صلى الله عليه وسلم -، له أن يحرم من شاء ويعطي من شاء، وقد سلف ما في ذلك.

فصل:

(فيه) (٢) أن طلحة العلم مقدمون في خمس الغنائم على سائر من ذكر الله فيها اسمًا؛ لأن أصحاب الصفة كانوا قد تجردوا لسماع العلم، وضبط السنن على شبع بطونهم، (فكانوا) (٣) أجروا أنفسهم من الله بالقوت. وذكر إسماعيل بن إسحاق من حديث ابن عيينة وحماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لفاطمة وعليّ: "لا أخدمكما، وأدع أهل الصفة يطوون جوعًا لا أجد ما أنفق عليهم نكن أبيعه فأنفقه عليهم" وهذا ما تشير إليه ترجمة البخاري الآتية.


(١) "شرح معاني الآثار" ٣/ ٢٣٤.
(٢) من (ص).
(٣) في (ص): فكأنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>