للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: قد قيل به، ثم لم يكن أحد من الصحابة يجترئ أن يناديه باسمه إذ الاسم لا توقير بالنداء به بخلافها، فإن في النداء بها احترامًا وتوقيرًا، وإنما كان يناديه باسمه الأعراب من لم يؤمن منهم أو من لم يرسخ الإيمان بقلبه، وقد قيل: إن النهي مخصوص بحياته، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم؛ وأيضًا لأن النهي عن ذَلِكَ؛ لأن ذَلِكَ الاسم لا يصدق على غيره، وهو قوله: "إنما أنا قاسم" أي الذي بين قسم الأموال في المواريث والغنائم وغيرهما عن الله تعالى، وليس ذَلِكَ لأحد إلا له، فلا يطلق هذا الاسم بالحقيقة إلا عليه، وعلى هذا فتمتنع التكنية بذلك مطلقًا، وهو مذهب بعض السلف محمد بن سيرين والشافعي وأهل الظاهر، سواء كان اسمه أحمد أو محمدًا، وهو ظاهر الحديث.

وثالثها:

يحرم على من كان اسمه محمدًا خاصة، فهذِه ثلاثة مذاهب، وفي الترمذي من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجمع بين اسمه وكنيته ويسمِّي محمدًا أبا القاسم، ثم قَالَ: حديث حسن صحيح (١). وعلى هذا فيجوز أن يكنى بذلك من ليس اسمه محمدًا، وزادت طائفة أخرى من السلف فرأوا منع التسمية بالقاسم؛ لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، حكاه القرطبي (٢). وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه هذا الحديث، فسماه عبد الملك، وكان أولاً اسمه القاسم، وفعله بعض الأنصار أيضًا.


(١) الترمذي (٢٨٤١) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦٨٢٤).
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>