للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحق عند نفسه، فالقاتل منهم والمقتول في الجنة إن شاء الله، والله يوسع لكل منهم رحمته كما سبقت لهم الحسنى؛ ذكره ابن بطال (١).

ومعنى قوله: (إلا ظالم أو مظلوم) [ظالم] (٢) في تأويله عند خصمه أو مخالفه، ومظلوم عند نفسه إن قتل، وإنما أراد الزبير أن يبين بقوله هذا أنَّ تقاتل الصحابة ليس كتقاتل أهل البغي والمعصية، الذي القاتل والمقتول منهم ظالم؛ لقوله - عليه السلام -: "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" (٣) لأنه لا تأويل لواحد منهم يعذر به عند ربه، ولا شبهة له من الحق يتعلق بها، فليس منهم أحد مظلومًا، بل كلهم ظالم.

وكان الزبير وطلحة وجماعة من كبار الصحابة خرجوا مع عائشة -كما أسلفنا- لطلب قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم، ولم يخرجوا لقتال على؛ لأنه لا خلاف بين الأمة أن عليًّا أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه، وكان قتلة عثمان لجئوا إلى علي، فرأى علي أنه لا ينبغي إسلامهم للقتل على هذا الوجه، حتى يسكن حال الأمة، وتجري المطالب على وجوهها، بالبينات وطرق الأحكام؛ إذ علم أنه أحق بالإمامة من جميع الأمة، ورجاء أن ينفذ الأمر على ما أوجب الله عليه، فهذا وجه منع علي المطلوبين يوم عثمان، فكان من قدر الله تعالى ما جرى به القلم من تقاتلهم؛ فلذلك قال الزبير لابنه ما قال؛ لما رأى من شدة الأمر، فإن الجماعة لا تنفصل إلاَّ عن تقاتل.


(١) "شرح ابن بطال" ٥/ ٢٩٠.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) سلف برقم (٣١) كتاب الإيمان، باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>