درهم، قال له علي: خذ لها من ييت المال اثني عشر ألفًا، ولولا أن عمر أعطاها إياها ما أعطيتها إياها، واحمل أنت ما بقي فانقضى أمر الجمل، وعاد الأمر بين علي ومعاوية، ثم خرجت الخوارج على علي، فقتلهم يوم النهروان، ثم طبقه عبد الرحمن بن ملجم، فقتله.
فصل:
أنكر قوم وقعة الجمل، قال القاضي عياض في "الشفا": فأما من أنكر ما عرف بالتواتر من الأخبار والسير والبلاد، التي لا يرجع إلى إبطال شريعة، ولا يفضي إلى إنكار قاعدة من الدين، كإنكار غزوة تبوك أو مؤتة، أو وجود أبي بكر وعمر، وقتل عثمان، وخلافة علي، مما علم بالنقل ضرورة، وليس في إنكاره جحد شريعة، فلا سبيل إلى تكفيره بجحد ذلك، وإنكار وقوع العمل به؛ إذ ليس في ذلك أكثر من المباهتة كإنكار هشام وعباد وقعة الجمل، ومحاربة مَنْ خالفه، فأمّا إن ضعَّف ذلك من أجل تهمة الناقلين ووَهَّم المسلمين أجمع فنكفره بذلك؛ لسريانه إلى إبطال الشريعة (١).
قلت: وممن أنكرها بعد هذين ابن حزم، ولعله نزع بذلك إلى براءة عائشة.
فصل:
قوله:(لا يُقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم). معناه والله أعلم: أن الصحابة في قتال بعضهم بعضًا كل له وجه من الصواب يعذر به عند الله، فلا يسوغ أن يطلق على أحد منهم أنه قصد الخطأ وقاتل على غير تأويل سائغ. هذا مذهب أهل السنة، وكل واحد منهم مجتهد