وقوله:(لم يدع إلا رباعًا) كان الزبير أخذ أرضين في سهمه حين الفتح، وأقطعهم الشارع أرضًا من بني النضير، وأقطعه الصديق أرضين، واشترى دورًا بالمدينة، واختط بالبصرة والكوفة ومصر حين مصرف، ففي هذا اتخاذ الربع. وفيه الابتياع للرباع إلا عند الضرورات؛ لقلة ما يدخل فيها من فساد المطعم؛ ولأنها تظفر كاسبها وتضنيه عن معاناة التجار التي لا تكاد تسلم من الأيمان الكاذبة، وقول الزور.
فصل:
قوله:(فحسبت ما عليه من الدين) هو بفتح السين من حسبت الشيء أحسبه حسابًا وحسبانًا.
وحسبت بمعنى ظننت مكسورة العين، والمصدر الحسبان بكسر الحاء. وقول عبد الله لحكيم بن حزام:(إن دين أبي مائة ألف) وكتمه ألفي ألف ومائتي ألف، فهذا ليس بكذب؛ لأنه صدق في البعض وكتم بعضًا، وللإنسان إذا سئل عن خبر أن يخبر منه بما شاء، وله أن لا يخبر بشيء منه أصلاً. وإنما كتمه لئلا يستعظم حكيم ما استدانه الزبير فيظن بالزبير سوء ظن وقلة حزم، ويظن بعبد الله فاقة إلى معونته فينظر إليه بعين الاحتياج إليه، ففيه بعض التجاوز في القول.
وفي قول حكيم ما كانت قريش عليه من الجود والكرم والمواساة. وفيه تنزه عبد الله وتركه قبول المعونة.
وفي قول عبد الله بن جعفر ما كان عليه من الكرم، حتى إنه كان ينسب إلى الإتلاف والتبذير، كان يهب الكثير حتى ينفد ما عنده، فربما دخل منزله بعض أصحابه فلا يجد ما يطعمهم فيعمد إلى عكة كان فيها عسل فيقطعها ويعطيهم جلدها فيلعقون ما فيه. وقال له