للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

واختلف العلماء في حكم السلب: فقال مالك (١): لا يستحقه القاتل إلا أن يرى ذلك الإمام بحضرة القتال، فينادي به ليحرص الناس على القتال، ويجعله مخصوصًا لإنسان إذا كان جهده، وبه قال أبو حنيفة (٢) والثوري، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقًا منه، وليس بفتوى، وإخبارًا عامًا.

واحتجّ مالك بأنه - عليه السلام - إنما قال: "من قتل قتيلًا فله سلبه" بعد أن برد القتال يوم حنين، ولم يحفظ ذلك عنه في غير يوم حنين، ولا بلغني ذلك عن الخليفتين، فليس السلب للقاتل إلا أن يقول ذلك الإمام، وإلا فالسلب غنيمة وحكمه حكم الغنائم؛ لأن الأخماس الأربعة للغانمين والنفل زيادة على الواجب، فلا تكون تلك الزيادة من الواجب بل من غيره وهو الخمس.

وعن مالك: يكره أن يقول الإمام قبل القتال: من قتل قتيلًا فله سلبه، لئلا يُفسد نيات المجاهدين، حكاه القرطبي (٣).

قالوا: وإنما قال - عليه السلام - هذا القول بعد أن برد القتال.

وقال الأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور: السلب للقاتل على كل حال وإن لم يقله الإمام؛ لأنها قضية قضى بها الشارع في مواطن شتى فلا يحتاج إلى إذن الإمام فيها، وقد أعطى الشارع سلب أبي جهل يوم بدر لمعاذ بن عمرو، فثبت أن ذلك قبل يوم حنين، خلاف قول مالك.


(١) "المدونة" ١/ ٣٩٠.
(٢) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٤٥٦.
(٣) "المفهم" ٣/ ٥٣٩، ٥٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>