وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يجوز أمانه إلا أن يقاتل. وقولهما خلاف مفهوم الحديث.
وأجاز مالك أمان الصبي إذا عقل الإسلام، ومنع ذلك أبو حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء.
واحتج الشافعي بأن الصبي لا يصح عقده، فكذلك أمانه.
وحجة مالك عموم قوله:"يجير على المسلمين أدناهم" فدخل فيه، وأيضًا فإن أمانه تطوع، وهو ممن يصح منه التطوع، ويفرض له سهمه إذا قاتل، وأما الأمان فمما اختص به من له حرمة الإسلام، فجعل لأدناهم كما جعل لأعلاهم، وعلى أن الصبي والعبد أحسن حالاً من المرأة؛ لأنها ليست من جنس من يقاتل.
وقد سلف في الباب قبله شيء من ذلك.
فصل:
وقوله:(فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا) يعني: فِيمَنْ أجاره، وهذا اللعن، وسائر لعن المسلمين إنما هو متوجه إلى الإغلاظ والترهيب عليهم عن المعاصي والإبعاد لهم من قبل مواقتعها، فإذا وقعوا فيها دعي لهم بالتوبة، يبينه حديث النعمان.
وقوله:(لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) أي: في هذِه الجناية، أي: لا كفارة لها؛ لأنه لم يشرع فيها كفارة، فهي إلى أمر الله، إن شاء عذب بها وإن شاء غفرها على مذهب أهل السنة في الوعيد.