للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففي حديث أنس وغيره: صلاته فيه، وأنكر ذلك حذيفة وقال: والله ما زال عن ظهر البراق حتى رجعا.

والصحيح والحق أنه إسراء بالجسد والروح في القصة كلها. وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار والاعتبار، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة، وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة، إذ لو كان منامًا،، لقال: بروح عبده، ولم يقل: {بِعَبْدِهِ} وقوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)} [النجم: ١٧] ولو كان منامًا لم يكن فيه معجزة ولا آية، ولما استبعده الكفار ولا كذبوه، ولا ارتدوا -أي: ضعفاء من أسلم- وافتتنوا به؛ إذ مثل هذا من المنامات لا ينكر، بل لم يكن ذلك منهم، إلا وقد علموا أن خبره إنما كان عن جسمه وحال يقظته، إلى ما ذكر في الحديث من صلاته بالأنبياء ببيت المقدس في رواية أنس، وفي السماء على ما روى غيره.

وذكر مجيء جبريل له بالبراق، وشبه ذلك من مراجعته مع موسى، ودخوله الجنة، قال ابن عباس: هي رؤيا عين رآها لا رؤيا منام (١).

وعن الحسن فيه: "بينا أنا جالس في الحجر جاءني جبريل فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئًا، فعدت إلى مضجعي" ذكر ذلك ثلاثًا، قال في الثالثة: "فأخذ جبريل بعطفي فجرني إلى باب المسجد، فإذا بدابة".

وحديث أم هانئ بيَّن فيه أنه بجسمه، وكذا حديث الصديق والفاروق، ومن قال: إنها نوم احتج بالآية السالفة، فسماها رؤيا، وآية الإسراء ترده؛ لأنه لا يقال في النوم: أسرى (٢).


(١) "الشفا" ١/ ١٨٩.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>