للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والبكاء على ضروب: فقد يكون مرة حزنًا أو ألمًا، ومرة من إسكان أو عجيب، ومرة من سرور وطرب.

وفيه: كما قال الداودي: تمني الخير والتنافس فيه، وتمني المرء مثل ما لغيره له، وإنما قال: يدخل الجنة من أمته أكثر؛ لأن لكلِّ نبيّ أجر منْ اتبعه واهتدى به.

وأما قوله: ("هذا الغُلَامُ") فمعناه: على تعظيم المنة لله عليه فيما أناله من النعمة، وأحفه له من الكرامة من غير طول عمر بلغه في عبادته، وأفناه مجتهدًا في طاعته، وقد تسمي العرب الرجل المستجمع السن غلامًا ما دامت فيه بقية من قوة، وذلك مشهور في لغتهم، قال الداودي: يقال لمن لم يبلغ خمسين: غلام وكهل وفتى وشاب.

وقال ابن فارس: الغلام الطار الشارب (١)، وقال ابن التين في باب المعراج: المعروف أن من قارب الخمسين يسمى كهلًا لا غلامًا.

فصل:

وذكره إدريس في السماء الرابعة قيل: هو معنى قوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)} [مريم: ٥٧] قاله أبو سعيد الخدري (٢)، وقيل: رفعناه في المنزلة والرتبة، وقيل: إنه سأل ملك الموت أن يريه النار، فأراه إياها، ثم الجنة، فأدخله إياها، ثم قال له: اخرج، فقال: وكيف أخرج وقد قال الله: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨] وقيل: سأل إدريس ربه أن يذيقه الموت ثم يرد إليه روحه، ففعل ذلك، ثم سأله أن يدخله الجنة ففعل، فلما رآها قال له رضوان: اخرج، قال: إن الله قضى


(١) "مجمل اللغة" ٢/ ٦٨٤ مادة (غلم).
(٢) رواه الطبري ٨/ ٣٥٣ (٢٣٧٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>