للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من ندر ذَلِكَ منه فليس داخلًا فيه. وقد نقل الترمذي معناه عن العلماء مطلقًا فقال: إنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل (١). وأجاب هؤلاء عن قصة إخوة يوسف بأن هذا لم يكن عادة لهم إنما حصل منهم مرة واستغفروا وحللهم صاحب المظلمة.

الوجه الثاني: أن المراد: المنافقون الذين كانوا في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، الذين حدثوا بإيمانهم فكذبوا، وائتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا في النصرة فخالفوا، وفجروا في خصوماتهم، وهذا قول سعيد بن جبير وعطاء، ورجع إليه الحسن بعد أن كان على خلافه.

وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس، ويروى عنهما مرفوعًا: "ما لكم ولهن إنما خصصت به المنافقين أما قولي: إذا حدث كذب فذلك فيما أنزل الله عليَّ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: ١] الآية أفأنتم كذلك؟ " قلنا: لا. قَالَ: "فلا عليكم، أنتم من ذَلِكَ براء، وأما قولي: إذا وعد أخلف فذلك قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ} [التوبة: ٧٥] الآيات الثلاث، أفانتم كذلك؟ " قلنا: لا. قَالَ: "لا عليكم أنتم براء، وأما قولي: إذا ائتمن خان، فذلك فيما أنزله الله عليَّ {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] الآية، فكل إنسان مؤتمن على دينه، فالمؤمن يغتسل من الجنابة ويصلي ويصوم في السر والعلانية، والمنافق لا يفعل ذَلِكَ إلا في العلانية أفأنتم كذلك؟ " قلنا: لا. قالَ: "لا عليكم أنتم من ذَلِكَ براء" (٢).

قَالَ القاضي: وإلى هذا القول مال كثير من أئمتنا (٣).


(١) "جامع الترمذي"، عقب حديث رقم (٢٦٣٢).
(٢) ذكره القرطبي في "تفسيره" ٨/ ٢١٣ - ٢١٤.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٣١٥.