للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

اعترض بعض سخفاء الأطباء على الحديث بقوله: استعمال المحموم الاغتسال بالماء خطر يقرب من الهلاك؛ لأنه يجمع المثام ويحقن البخار ويعكس الحرارة لداخل الجسم، فيكون ذلك سببًا للتلف.

وجوابه: أن هذا صدر عن مرتاب في صدق نبينا.

فيقال له: تفهم مراده من هذا الكلام، فإنه لم ينص على كيفية تبريد الحمى بالماء، وإنما أرشد إلى تبريدها به مطلقًا، فإن أظهر الوجود أو صناعة الطب أن غمس المحموم في الماء أو صبه إياه على جميع بدنه يضره فليس هو الذي قصده - عليه السلام -، وإنما قصد استعمال الماء على وجه ينفع، فيبحث عن ذلك الوجه، وتجرب الوجوه التي لا ضرر فيها، فإنه سيظهر نفعه قطعًا، وقد ظهر هذا المعنى في أمره العائن بالغسل، فإنه وإن كان قد أمره أن يغتسل مطلقًا، فلم يكن مقصوده أن يغسل جميع جسده بل بعضه.

وإذا تقرر هذا: فلا يبعد أن مقصوده أن يرش على بعض جسد المحموم، أو يفعل كما ذكرنا عن أسماء، فيكون من باب النشرة الجائزة، ولئن سلمنا أنه أراد جميع جسد المحموم، فيجاب بأنه يحتمل أنه يريد بذلك (بعض) (١) قلاعها عنه، وفي وقت مخصوص وبعدد مخصوص، فيكون ذلك من باب: الخواص التي أطلع عليها، كما روي أن رجلاً شكى إليه الحمى، فقال: "اغتسل ثلاًثا قبيل طلوع الشمس، وقيل: بسم الله اذهبي يا أم ملدم، فإن لم تذهب فتغتسل سبعًا" (٢).


(١) كذا في الأصول، ولعلها (بعد).
(٢) "التمهيد" ٢٢/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>