للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الصلاح: ولو جمع أبو عبيد ومن سلك سبيله طرق الحديث كما جمعها مسلم وغيره وتأملوها لصاروا إلى غير ما ذكروه، ولما تركوا الظاهر، ولقضوا بأن المراد اليمن وأهله وما هو مفهوم من إطلاق ذلك، إذ من ألفاظه: "أتاكم أهل اليمن" والأنصار من جملة المخاطبين بذلك. فهم إذًا غيرهم، وكذا قوله: "جاء أهل اليمن". وإنما جاء حينئذٍ غير الأنصار، ثم إنه وصفهم بما يقتضي بكمال إيمانهم ورتب عليه الإيمان" فكان ذلك إشارة للإيمان إلى من أتاه من أهل اليمن لا إلى مكة والمدينة، ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره، وحمله على أهل اليمن حقيقة؛ لأن من اتصف بشيء، وقوي إيمانه به، وتأكد اضطلاعه، نسب ذلك الشيء إليه؛ إشعارًا بتميزه به فكذا (حال) (١) أهل اليمن حينئذٍ في الإيمان وحال الوافدين منه في حياته وفي أعقابه كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبههما، ممن سلم قلبه وقوي إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم كذلك؛ إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي له عن غيرهم؛ فلا منافاة بينه وبين قوله: "الإيمان في أهل الحجاز". ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذٍ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه. وهذا هو الحق في ذلك (٢).

فائدة:

قوله: ("الإِيمَانُ يَمَانٍ"). أصله: يماني، فخففوا ياء النسبة، كما قالوا: تهامون، وأشعرون، وسعدون. وكذلك يقال: سيف يمان.


(١) من (ص ١).
(٢) "شرح مسلم" للنووي ٢/ ٣٢ - ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>