للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرفق في الأعمال، والاقتصار على ما يطيق العامل ويمكنه المداومة عليه، وأن من شادّ الدين وتعمق انقطع وغلبه الدين وقهره.

ثم أكد - صلى الله عليه وسلم - بهذا المعنى فقال: "سددوا") إلى آخره، أي: اغتنموا أوقات نشاطكم وانبعاث نفوسكم للعبادة، وأما الدوام لا تطيقونه، واحرصوا على أوقات النشاط واستعينوا بها على تحصيل السداد والوصول إلى المراد، كما أن المسافر إذا سار الليل والنهار عجز وانقطع عن مقصده، وإذا سار غدوة -وهي أول النهار- وروحة -وهي آخره- ودلجة -وهي آخر الليل- حصل له مقصوده بغير مشقة ظاهرة، وأمكنه الدوام على ذَلِكَ.

وهذِه الأوقات الثلاثة هي أفضل أوقات المسافر للسير، فاستعيرت هذِه الأوقات لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" (١) فشبه - صلى الله عليه وسلم - الإنسان في الدنيا بالمسافر، وكذا هو في الحقيقة؛ لأن الدنيا مطية الآخرة، فنبه - صلى الله عليه وسلم - على اغتنام أوقات الفراغ، وإنما قَالَ: "وشيء من الدلجة" ولم يقل: والدلجة؛ تخفيفًا عنه لمشقة عمل الليل، اللهُمَّ هون علينا هذِه الأعمال في التبكير والآصال.


(١) سيأتي برقم (٦٤١٦) كتاب: الرقاق، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".