للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما الحكم الذي تنازعاه فهم في ذلك على السواء لا يقدر أحد أن يسقط الأصل الذي هو القدر، ولا أن يبطل الكسب الذي هو السبب، ومن فعل واحدًا منهما خرج عن القصد إلى أحد الطرفين من مذهب القدرية والجبرية.

وحقيقة غلبة آدم موسى أنه دفع حجة موسى التي ألزمه بها اللوم. وذلك أن الأبتداء بالمسألة والاعتراض إنما كان من موسى، ولم يكن من آدم إنكار لما اقترفه من الذنب إنما عارضه بأمر كان فيه دفع اللوم، فكان أصوب الناس ما ذهب إليه آدم. قال: وقد كنا أولناه على وجه آخر في شرح "معالم السنن"، وهذا أولى الوجهين (١).

وقال الداودي: حاجه موسى في إخراجه الناس من الجنة، فاحتج آدم بما سبق في علم الله أنه خلقه ليكون خليفة، ولم يحتج لما عصى. وقيل: أنكر عليه أن يلومه على أمر تاب الله عليه منه. وأما غيره من الناس فيحتج عليه ويلام إذ لا ندري هل ينجو منه؟ وبوب عليه في "الموطأ": النهي عن القول بالقدر (٢). وقيل: اللوم إلى الله لا إلى موسى (٣).

الحديث الرابع:

حديث حصين بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فقَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ،


(١) "أعلام الحديث" ٣/ ١٥٥٥ - ١٥٥٦، "معالم السنن" ٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٢) "الموطأ" ص ٥٦٠.
(٣) انظر تفصيل هذِه المسألة في "شفاء العليل" لابن القيم ١/ ٨٣ - ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>