للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لذلك كما نبه عليه القرطبي، وما ذكره من لزوم المساواة بين المؤمن والكافر من إدراكه؛ لأن نفس الحديث يبينه وهو قوله: "كل مؤمن" فكأنه قال: وأما الكافر فلا يقرؤه ويصرف عن قراءة سطور كفره ورمزه، وذلك أنه انصرف عن إدراك عوره وشواهد عجزه من كونه جسيمًا وراكبًا على حمار؛ فلأن يقصره عن قراءة ما بين عينيه بطريق الأولى (١).

فصل:

أُشكل على جماعة اختلاف رواية عماه هل هو في اليمنى أو في اليسرى، فقال ابن عبد البر: حديث مالك اليمنى أصح من اليسرى من جهة الإسناد (٢)، وأباه ابن دحية فقال: كلها صحيحة، وجمع القاضي عياض: بأن كل واحدة من عينيه عوارء من وجهٍ ما، إذ العور في كل شيء العيب، والكلمة العوراء: هي المعيبة، فالواحدة العوراء بالحقيقة وهي التي وصفت في الحديث بأنها ليست بحجراء ولا ناتئة وممسوحة ومطموسة وطافئة على رواية الهمز، والأخرى عوراء لعيبها اللازم لها لكونها جاحظة، أو كأنها كوكب دري، أو كونها عنبة طافية بغير همز، فكل واحدة منهما يصح فيها الوصف بالعور بحقيقة العرف والاستعمال بمعنى، أو بمعنى العور الأصلي (٣).

وحاصله -كما قال القرطبي- أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل خلقها معيبة.


(١) "المفهم" ٧/ ٢٦٨ - ٢٦٩.
(٢) "التمهيد" ١١/ ١٩٣.
(٣) "إكمال المعلم" ٨/ ٤٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>