للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان بالكوفة طاعون فخرج المغيرة منها (١)، فيما ذكره المدائني فلما كان في حصاص (٢) ابن عوف طعن فمات. وأما عمر فرجع من سرغ ولم يقدم عليه (٣)، وذلك لدفع الأوهام المشوشة لنفس الإنسان، وندم على رجوعه.

وتأول من فر أنه لم ينه عن الدخول والخروج مخافة أن يصيبه غير المقدور، لكن مخافة الفتنة أن يظنوا أن هلاك القادم إنما حصل بقدومه، وسلامة الفار إنما كانت بفراره. وهذا من نحو النهي عن الطيرة. وعن ابن مسعود: هو فتنة على المقيم الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقصت فمت، وإنما فر من لم يأت أجله، وأقام من حضر أجله.

وقالت عائشة - رضي الله عنها -: الفرار منه كالفرار من الزحف.

ويقال: قلما فر أحد من الوباء فسلم، ويكفي من ذلك موعظة قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} الآية.

قال الحسن: خرجوا حذرًا من الطاعون فأماتهم الله في ساعة واحدة، وهم أربعون ألفًا (٤)


وقد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٢/ ٣١٢ وقال: رواه البزار وروى أحمد بعضه وفي إسناد البزار شهر بن حوشب وفيه كلام وقد وثقه غير واحد.
وقال في موضع آخر ٢/ ٣١٤: رواه أحمد وأبو قلابة لم يدرك معاذ بن جبل.
(١) ذكر هذا الكلام ابن حجر في "بذل الماعون في فضل الطاعون" ص ٢٢٣.
(٢) هو موضع بالحجاز، انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٤٥١.
(٣) رواه البخاري (٥٧٢٩) كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون ومسلم، (٢٢١٩) كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها.
(٤) رواه بنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١١٠ (٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>