للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: " لا تقدموا عليه يريد: لأن مقامكم بالموضع الذي لا طاعون فيه أسكن لقلوبكم، وفيه المرأة والدار يعرفان بالشؤم فيوافق قدرًا من مكروه فيقع في الأنفس أن ذلك من سببهما. وسئل مالك عن البلد يقع فيه الموت وأمراض هل يكره الخروج إليه؟

قال: ما أرى بأسًا خرج أو أقام، قيل: فهذا شبه ما جاء به الحديث من الطاعون؟ قال: نعم (١).

وحديث عائشة - رضي الله عنها - المراد به ما لم يمت منه كما قاله الداودي، أما من مات منه فهو شهيد جزمًا.

وذكر ابن جرير الخلاف عن السلف في الفرار من الوباء، وذكر عن أبي موسى الأشعري أنه كان يبعث بنيه إلى الأعراب من الطاعون، وعن الأسود بن هلال ومسروق أنه كان يفر منه.

وعن عمرو بن العاصي أنه قال: (تفرقوا) (٢) في هذا الرجز في الشعاب والأودية ورءوس الجبال، فبلغ معاذًا فأنكره وقال: بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم (٣).


(١) انظر "المفهم" للقرطبي ٥/ ٦١٤.
(٢) في هامش الأصل: (تفروا) عليها (خ) تعني: من نسخة أخرى، والله أعلم.
(٣) رواه أحمد ٥/ ٢٤٨، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" ٣/ ٣٩٧ (٣٠٤٢) في قصة طويلة وفيه قول معاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة: ليس بالطاعون ولا الرجز ولكنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم .. الحديث. وأخرجه مطولا بنحو حديث البزار: ابن أبي شيبة ٦/ ١٦١ وليس فيه كلام شرحبيل ابن حسنة. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٤/ ٣٠٦ وابن حبان (٢٩٥١) وليس فيهما كلام معاذ بن جبل.
قلت: فلعل كلام معاذ وشرحبيل تناقله غير واحد من الصحابة وذلك لتخفيف وقع هذِه المصيبة على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>