(٢) قال النووي في "شرح مسلم" ١/ ٦٩ - ٧٠: إن من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدًا في حديث واحد فسق، وردت رواياته كلها وبطل الاحتجاج بجميعها. فلو تاب وحسنت توبته، فقد قال جماعة من العلماء منهم أحمد بن حنبل، وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري وصاحب الشافعي، وأبو بكر الصيرفي من فقهاء أصحابنا الشافعيين وأصحاب الوجوه منهم ومتقدميهم في الأصول والفروع: لا تؤثر توبته في ذلك ولا تقبل روايته أبدًا، بل يحتم جرحه دائمًا، وأطلق الصيرفي وقال: كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر، ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويًّا بعد ذلك. قال: وذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة. ولم أر دليلًا لمذهب هؤلاء، ويجوز أن يوجه بأن ذلك جعل تغليظًا، وزجرًا بليغًا عن الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - لعظم مفسدته، فإنه يصير شرعًا مستمرًا إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة، فإن مفسدتهما قاصرة ليست عامة. قلت: (النووي) وهذا الذي ذكره الأئمة ضعيف مخالف للقواعد الشرعية. والمختار القطع بصحة توبته في هذا، وقبول رواياته، إذا صحت توبته بشروطها المعروفة .. وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافرًا فأسلم، وأكثر الصحابة بهذِه الصفة، وأجمعوا على قبول شهادته، ولا فرق بين الرواية والشهادة في هذا. والله أعلم. (٣) يأتي برقم (٧٠٤٣) باب: من كذب في حلمه.