للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإبطال ذلك، وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، إذا تعدى الإنسان على آخر حكم الحاكم بينهما وألزم كلا ما لزمه. ويتوجه للفقهاء في قوله: "من دعا بدعوى الجاهلية" بثلاثة أقوال -كما قال السهيلي:

أحدها: يجلد من استجاب لها بالسلاح خمسين سوطًا، اقتداء بأبي موسى الأشعري في جلده النابغة الجعدي خمسين سوطًا حين سمع: يال عامر، قال أبو الفرج الأصبهاني: وأخذ عصاه وجاء معينًا.

ثانيها: يجلد دون عشرة أسواط لنهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يجلد أحد فوق عشرة أسواط (١).

ثالثها: يوكل إلى اجتهاد الإمام على حسب ما يراه من سد الذريعة، وإغلاق باب الشر، إما بالوعيد، وإما بالسجن، وإما بالجلد.

فإن قلت: لم يُعاقبهما الشارع حين دعوا بها؟

قلت: قد قال: ("دعوها فإنها خبيثة أو منتنة") فقد أكد النهي، فمن عاد إليها بعد هذا (النهي) (٢) وجب أن يؤدب حتى يشم نتنها -كما فعل أبو موسى بالنابغة- إذ لا معنى لنتنها إلا سوء العاقبة، والعقوبة عليها (٣).

ثالثها:

عبد الله بن أُبَيٍّ، أكبر المنافقين، وهو الذي قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وكان زيد بن أرقم سمعه فبلغها عنه، فأنكر واحتج عنه أصحابه، وقالوا: لعل الغلام أوهم ففشيت المقالة في زيد فأنزل الله تصديقه، فمشى إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ليقر به وفرحا بما قال.


(١) نهيه - صلى الله عليه وسلم - يأتي برقم (٦٨٤٨) كتاب: الحدود، باب: كم التعزير والأدب.
(٢) في الأصل: الخبر، والمثبت من (ص ١).
(٣) "الروض الأنف" ٤/ ١٧ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>