للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا نَصَبَ" أي: لم ينصب فيه، ولم يصخب أي إنما أعطيته زيادة على جميع العمل الذي نصبت فيه، ولا شاهد لما ذكره.

وقال الخطابي: يقال: البيت هنا عبارة عن قصر (١)، وقد سلف كذلك في رواية أسلفناها، وقد يقال لمنزل الرجل بيته، وهو كما قال يغالي في القوم: هم أهل بيت شرف وعز، وفي التنزيل: {غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٦]

قال السهيلي: وذكر البيت هنا، ولم يقل بقصر لمعنى لائق بصورة الحال، وذلك أنها كانت ربة بيت في الإسلام لم يكن على الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت، وأيضًا فإنها أول من بني بيتا في الإسلام بتزويجها سيد الأنام، ورغبتها فيه، قال: وجزاء الفعل يذكر بلفظ الفعل، وإن كان أشرف منه كما جاء "من كسا مسلمًا على عري كساه الله من حلل الجنة، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق" (٢)، ومن هذا الباب: "من بني لله مسجدا بني الله له مثله في الجنة" (٣)، ولم يرد مثله في كونه مسجدا، ولا في صفته، ولكنه قابل البنيان بالبنيان أي: كما بني يُبنى له كما قابل الكسوة بالكسوة، والسقيا بالسقيا فها هنا وقعت المماثلة لا في ذات الشيء المكسو، وإذا ثبت هذا فمن هنا اقتضت الفصاحة أن يعبر لها عما بشرت به بلفظ البيت، وإن كان فيه ما لا عين رأت، ومن يسميه الجزاء على الفعل بالفعل في عكس ما ذكرناه قوله تعالى {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الله}


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ٩١١.
(٢) رواه أبو داود (١٦٨٢)، والترمذي (٢٤٤٩)، من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) سلف برقم (٤٥٠) كتاب الصلاة، باب من بني مسجدا، من حديث عثمان بن عفان، ورواه مسلم (٥٣٣) كتاب المساجد، باب فضل بناء المساجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>