للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الداودي: كان - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يوحى إليه لا يدري ما في ذبائحهم، لا يعلم إلا ما علم، وكان زيد علم ذلك فكان يعيب على قريش، والأرض لا تخلو من قائم لله.

وقال السهيلي: إن قلت: كيف وفق الله زيدًا إلا ترك أكل ذلك وسيدنا أولى بالفضيلة في الجاهلية لما بينت من عصمته.

قلت: عنه جوابان:

أحدهما: أنه ليس في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل منها، وإنما فيه أن زيدا لما قدمت له أبى أن يأكل.

ثانيها: أن زيدًا إنما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدم، وإنما تقدم شرع إبراهيم بتحريم الميتة لا تحريم ما ذبح لغير الله، وإنما نزل بتحريم ذلك الإسلام، وبعض الأصوليين يقول: الأشياء قبل ورود الشرع على الإباحة، وإن قلنا بالوقف، وهو الأصح، فالذبائح لها أصل في كامل الشرع المتقدم كالشاة والبعير ونحو ذلك مما أحله الله في دين من كان قبلنا، ولم يقدح في التحليل المتقدم ما ابتدعوه حتى جاء الإسلام، وأنزل الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] ألا ترى كيف بقيت ذبائح أهل الكتاب عندنا على أصل التحليل بالشرع المتقدم، ولم يقدح في التحليل ما أحدثوه من الكفر وعبادة الصلبان، فكذلك ما كان ذبحه أهل الأوثان محللا بالشرع المتقدم حتى خصه القرآن بالتحريم (١).

ثالثها:

الموءودة التي كان زيد يمنع من وأدها، وفي مفعوله من وأده إذا


(١) "الروض الأنف" ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>