للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف:٢ - ٣]. وهذا على المختار في ضبط قوله: (مكذبًا) أنه بكسر الذال، وقد ضبط بفتحها. ومعناه: خشيت أن يكذبني من رأى عملي مخالفًا قولي ويقول: لو كنت صادقًا ما فعلت هذا الفعل.

ومعنى قول ابن أبي مليكة عن الصحابة: (أنهم) (١) خافوا أن يكونوا في جملة من داهن ونافق. قَالَ ابن بطال: وإنما خافوا؛ لأنهم طالت أعمارهم حتى رأوا من التغير ما لم يعهدوه ولم يقدروا على إنكاره، فخافوا أن يكونوا داهنوا أو نافقوا (٢).

وروي عن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: ٦٠] فقال: "هم الذين يُصلُّون ويصومون ويتصدقون ويَفْرَقون أن لا تقبل منهم" (٣).

وقال بعض السلف في قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: ٤٧] أعمال كانوا يحسبونها (حسنات) (٤) بُدِّلت سيئات وقوله: (ما منهم من يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل) هو على ما تقدم أن الإيمان يزيد وينقص، (فإنّ) (٥) إيمان جبريل وميكائيل أكمل من إيمان آحاد الناس خلافًا للمرجئة.

وقول الحسن: (مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ). يعني: الله تعالى، وقد قَالَ تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: ٤٠] وقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ


(١) من (ج).
(٢) "شرح ابن بطال" ١/ ١٠٩.
(٣) رواه الترمذي (٣١٧٥)، وابن ماجه (٤١٩٨)، والحميدي ١/ ٢٩٨ (٢٧٧)، وأبو يعلى ٨/ ٣١٥ (٤٩١٧)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٦٢).
(٤) من (ج).
(٥) في (ف). وأن.