للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: أنه لم يحرق من نخلهم شيئاً إلا ما ليس بقوت للناس وكانوا يقتاتون العجوة، وفي الحديث: "العجوة من الجنة" (١). وثمرها يغدو أحسن غذاء، والبرني أيضاً كذلك.

وفي "معاني الفراء" من حديث الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل كله إلا العجوة ذلك اليوم (٢). ففي قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} تنبيه على كراهة قطع ما يقتات به ويغذو من شجر العدو إذا رجي أن يصير للمسلمين، وقد كان الصديق يوصي الجيوش: لا تقطعوا شجرا مثمرًا (٣)، وأخذ بذلك الأوزاعي (٤) فإما تأولوا الحديث، وإما خصوه بالشارع، وقد سلف إيضاح ذلك في موضعه، ولم يختلفوا أن سورة الحشر نزلت

في بني النضير ولا اختلفوا أموالهم لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ولكن قذف الرعب في قلوبهم فجلوا عن منازلهم إلى خيبر، ولم يكن ذلك عن قتال من المسلمين لهم، فقسمها بين المهاجرين دون الأنصار؛ ليدفع بذلك مؤنتهم عن الأنصار إذا كانوا قد ساوَوْهم في الأموال والديار، وأعطى رجلين من الأنصار محتاجين كما ذكره في "الإكليل": سهل بن حنيف وأبا دجانة، وأعطى سيف بن أبي الحقيق سعد بن معاذ، وكان سيفا له ذكر عندهم، وذكر أبو بكر البلاذري في "فتوحه" أن قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [لحشر: ٩]، نزلت فيهم، وقال الصديق: جزاكم الله


(١) رواه الترمذي (٢٠٦٦)، وابن ماجه (٣٤٥٥) من حديث أبي هريرة.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٤٤.
(٣) انظر: "تاريخ الطبري" ٢/ ٢٤٦.
(٤) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>