للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال مالك: ولو كانا أهل ذمة لم يسألهم كيف الحكم فيهم، ولا حكم عليهم بقول أساقفتهم (١).

وفيه نظر؛ لأن سؤالهم كان كإلزام، فإن قوله لهم: "كيف تفعلون؟ " لم يرد به تقليدهم ولا معرفة الحكم بينهم، وإنما المراد: إلزامهم بما يعتقدون في كتابهم، ولعله قد أوحي إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروها كما غيروا غيره، أو أنه أخبره من أسلم منهم.

وقال النووي: هذا تأويل غير جيد؛ لأنهما كانا من أهل المدينة، ولأنه رجم المرأة، والنساء الحربيات لا يجوز قتلهن مطلقًا (٢).

الثانية: الحكم بين أهل الذمة، والأصح عندنا وجوبه وفاقًا لأبي حنيفة، وهو قول الزهري وعمر بن عبد العزيز والحكم، وروي عن ابن عباس (٣).

وقال القرطبي: فإن كان ما رفعه إلى الإمام ظلمًا كالقتل والغصب بينهم، فلا خلاف بينهم بعد، ثم حكى الخلاف فيما عداه، ونقل عن مالك والشافعي أنه بالخيار بين الحكم بينهم وتركه، غير أن مالكًا يرى الإعراض أولى، ثم يذكر عن الشافعي أنه لا يحكم بينهم في الحدود (٤).


(١) انظر: "المدونة" ٣/ ٣٨٦، "أحكام القرآن" لابن العربي ٢/ ٦٢١، "طرح التثريب" ٨/ ٣.
(٢) "مسلم بشرح النووي" ١١/ ٢٠٨.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٤١، "أحكام القرآن" للجصاص ٢/ ٦١٠، "الأم" ٤/ ١٢٩ - ١٣٠، "البيان" ١٢/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٤) "المفهم" ٥/ ١١٠، وانظر: "المدونة" ٣/ ٣٨٦، "الأم" ٤/ ١٢٩ - ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>