للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما النصيحة لكتابه تعالى فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام (الخلق) (١)، ولا يقدر الإنس والجن لو اجتمعوا على الإتيان بسورة مثله، ثم تعظيمه وتلاوته حقها وتحسينها والخشوع عندها وإقامة ألفاظه، والذب عنه لتأويل الملحدين وتحريف المحرفين وتعرض (الطاعنين) (٢)، والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، والعمل بما اقتضى منه عملًا، ودوام تدبره، والتصديق بوعده ووعيده إلى غير ذَلِكَ.

وأما النصيحة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فمعناها تصديقه في إرساله، وقبول ما جاء به ودعا إليه، والطاعة له فيما سن وحكم وشرَّع وبيَّن من أمر الدين، وإعظام حقه، وتوقيره، ومؤازرته، وإحياء طريقته في بث الدعوة، وإشاعة السنة ونفي التهمة عنه فيما قَالَه، فإنه كما قَالَ تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم: ٣]، وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥].

وأما النصيحة لأئمة المسلمين فهم الخلفاء الراشدون ومن بعدهم ممن يلي أمر الأمة ويقوم، ومن نصحهم: بذل الطاعة لهم في المعروف، والصلاة خلفهم، وجهاد الكفار معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم سوء سيرة، وتنبيههم عند الغفلة، وألا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى بصلاحهم، وقد يتأول ذَلِكَ في الأئمة الذين هم علماء الدين، ومن


(١) في (ج): الناس.
(٢) في (ف): طاعن.