للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعنى: "فَآوى إِلَى اللهِ" لجا إليه، قَالَ القاضي: وعندي أن معناه: دخل مجلس ذكر الله (١). و"آواه الله" أي: قبله وقربه، أو آواه إلى جنته، وقوله: "فاستحيا" اْي: ترك المزاحمة والتخطي حياءً من الله ورسوله والحاضرين، أو استحياءً منهم أن يعرض ذاهبًا فاستحيا الله منه، أي: رحمه ولم يعاقبه، وقوله: "فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ" أي: لم يرحمه وسخط عليه، وحمله بعضهم عَلَى من ذهب معرضًا لا لعذر، فمن أعرض عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - وزهد فيه فليس بمؤمن، وإن كان هذا مؤمنًا وذهب لحاجة دنيوية أو ضرورية فإعراض الله عنه ترك رحمته وعفوه، فلا تثبت له حسنة ولا تمحو عنه سيئة، نبه عَلَى ذَلِكَ القاضي (٢).

خامسها: فيه من الآداب جمل مستكثرة منها:

حلق العلم والذكر في المسجد، واستحباب القرب من الكبير في الحلقة ليسمع كلامه، واستحباب الثناء عَلَى من فعل جميلًا، وأن الإنسان إِذَا فعل قبيحًا أو مذمومًا وباح به جاز أن ينسب إليه.

وفيه أيضًا: أن من جلس إلى حلقة فيها ذكر أو علم فهو في كنف الله (وجواره) (٣) وإيوائه، وهو ممن تضع لَهُ الملائكة أجنحتها. وأن العالم يؤوي المتعلم؛ لقوله -عليه السلام-: "فآواه الله" وأن من قصد المعلم ومجالسته فاستحيا من قصده، ولم يمنعه الحياء من التعلم ومجالسة


= على الإطلاق. اهـ.
قلت: إذ علم ذلك سهل علينا فَهْمُ كثير من آيات وأحاديث الصفات دون الحاجة إلى تحريف أو تعطيل أو تمثيل أو تكييف.
(١) انظر: "إكمال المعلم" ٧/ ٦٦.
(٢) انظر التخريج السابق.
(٣) من (ج).