للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرواية، وبه جاء القرآن القصر في اللازم والمد في المتعدي، قَالَ الله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: ١٠]، {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ} [المؤمنون: ٥٠]، {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)} [الضحى: ٦]، وحكى بعضهم فيهما اللغتين القصر والمد، كما حكاه القاضي (١).

والمشهور الفرق.

وقوله: "فَآوى إِلَى اللهِ، فَآوَاهُ اللهُ" هو من باب المقابلة، وكذا: "فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ"، وكذا: "فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ"، كله من باب المقابلة والمماثلة في اللفظ، ومثله في القرآن: {مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٤ - ١٥] {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤] والمعنى: جازاهم الله عَلَى أفعالهم، فسمى مجازاتهم بمثل أسماء أفعالهم استعارة ومجازا (٢).


(١) انظر: "إكمال المعلم" ٧/ ٦٦.
(٢) اعلم أن صفة المكر والاستهزاء والحياء من صفات الكلمال المقيدة التي لا يجوز أن يتصف الله بها إلا مقيدة.
قال العلامة محمد الصالح العثيمين في "شرح العقيدة الواسطية" ١/ ١٠٩ - ١١٠: الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صفة كمال على الإطلاق، وصفة كمال بقيد، وصفة نقص.
أما صفة الكمال على الإطلاق: فهي ثابتة لله كالمتكلم والفغال وغير ذلك وأما صفة كمال بقيد: فهذِه لا يوصف الله بها على الإطلاق إلا مقيدَا مثل: المكر والخداع والاستهزاء، وما أشبه ذلك، فهذِه صفات كمال بقيد إذا كانت في مقابلة من يفعلون ذلك فهي كمال، وإن ذكرت مطلقة فلا تصح بالنسمة لله -عز وجل-، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو المستهزئ أو الخادع، بل تقيد، فتقول: ماكر بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خاح للمنافقين، كائد للكافرين، فتقيدها لأنها لم تأت إلا مقيدة.
الثالث: ما دلّ على نقص، فهذا لا يوصف الله به مطلقًا، وبأيّ حال من الأحوال كالعاجز والأعمى والأصم، فهذا لا يوصف الله به مطلقًا؛ لأنه نقص =