للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما هو ظرف للطوارئ (١).

وكان أبو بكر بن داود الأصبهاني (٢) يرويه بفتح الراء من الدهر، منصوب على الظرف، أي: أنا طول الدهر، بيدي الأمر، وكان يقول: لو كان مضموم الراء لصار من أسماء الله تعالى، وقال القاضي عياض: نصبه بعضهم على التخصيص. قال: والظرف أصح (٣). وقال أبو جعفر النحاس: يجوز النصب، أي: بأن الله باق معهم أبدًا لا يزول (٤).

وأما ابن الجوزي فقال: هو باطل من وجوه:

أحدها: أنه خلاف أهل النقل، فإن المحدثين المحققين لم يضبطوها إلا بالضم، ولم يكن ابن داود من الحفاظ ولا من علماء النقل.

ثانيها: أنه ورد بألفاظ صحاح تبطل تأويله، وهي: "لا تقولوا: يا خيبة الدهر؛ فإن الله هو الدهر" (٥). أخرجاه.


(١) قلت: وأحسن ما قيل في تفسيره -كما قال الحافظ ابن كثير- ما قاله الشافعي وأبو عبيد وغيرهما من الأئمة: كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا: يا خيبة الدهر. فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعلها هو الله، فكأنهم إنما سبّوا الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، فلهذا نهي عن سب الدهر بهذا الاعتبار؛ لأن الله هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال. قال ابن كثير: هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد والله أعلم، وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدّهم الدهر من الأسماء الحسنى: أخذ من هذا الحديث!! "تفسير ابن كثير" ١٢/ ٣٦٤.
(٢) ورد بهامش الأصل: هو أبو بكر بن داود بن علي بن خلف، وهو إمام أهل الظاهر، مشهور الترجمة.
(٣) "إكمال المعلم" ٧/ ١٨٣.
(٤) "معاني القرآن" ٦/ ٤٢٩ - ٤٣٠.
(٥) سيأتي برقم (٦١٨٢) كتاب: الأدب، باب: لا تسبوا الدهر، ومسلم (٢٢٤٦/ ٤) كتاب: الألفاظ من الأدب، باب: النهي عن سب الدهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>