للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمسلم: "لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر" (١).

ثالثها: تأويله يقتضي أن تكون علة النهي لم تذكر؛ لأنه إذا قال: "لا تسبوا الدهر فأنا الدهر، أقلب الليل والنهار" وكأنه قال: لا تسبوا الدهر فأنا أقلبه. ومعلوم أنه يقلب كل شيء من خير وشر، وتقليبه للأشياء لا يمنع ذمها، وإنما يتوجه الأذى في قوله: "يؤذيني ابن آدم" على ما أشرنا إليه.

وقال القرطبي: أي: يخاطبني من القول بما يتأذى به من يصح في حقه التأذي، لا أن الله تعالى يتأذى؛ لأن التأذي ضرر وألم، والرب تعالى منزه عن ذلك، وهذِه توسعات يفهم منها أن من يعامل الله بتلك المعاملات تعرض لعقابه ومؤاخذته، ولا شك في كفر من نسب تلك الأفعال -يعني: الممدوحة والمذمومة- أو شيئًا منها للدهر حقيقة أو اعتقد ذلك، وأما من جرت على لسانه ولا يعتقد صحتها فليس بكافر، ولكنه تَشبَّه بأهل الكفر، وارتكب ما نهاه عنه الشارع، فليتب وليستغفر (٢).


(١) مسلم (٢٢٤٦/ ٥).
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٤٧ - ٥٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>