للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: أن الجواب ليس لكل الكلام بل السكوت جواب لبعضه، ولعل عمر كرر السؤال لشيء أهمه، والشارع أعلم بما يسكت عنه ويجيب فيه، لكنه إنما سكت لاستغنائه بما أنزل عليه من الوحي.

وقوله: (فما نشبت) هو بكسر الشين أي: لبثت.

ثالثها:

قوله: ("لهي أحب") إلى آخره؛ بسبب ما بشرته من المغفرة والفتح وفاضل بين المنزلة التي أعطيها وبين ما طلعت عليه الشمس وليس بينهما في الحقيقة مفاضلة، نعم هو مثل قوله: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا} [مريم: ٧٣] و {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: ٢٤].

وفي الحديث في وصف الحور: "ولنصيفها خير من الدنيا" (١)، وقد يجاب أيضًا أنه إنما جاء على ما استقر في النفوس من قصد الدنيا، لكن الآخرة هي المقصودة حقيقة، وقال ابن بطال: معناه أن تكون هي أحبُّ إلي من كل شيء؛ لأن لا شيء إلا الدنيا والأخرى، فأخرج الخبر عن ذكر الشيء بذكر الدنيا، إذ لا شيء سواها إلا الآخرة (٢).

ثم ساق البخاري حديث أَنسٍ - رضي الله عنه -: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} [الفتح: ١]: قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ. قد طوله هناك، وسلف الخلاف فيه، وعلى قول أنس أهل التفسير. وادعى الداودي أن الأكثر على أنه فتح مكة.

ثم ساق أيضًا حديث عبد الله بن مغفل -بالغين المعجمة- قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ قِرَاءَةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَفَعَلْتُ.


(١) سلف برقم (٢٧٩٦) كتاب: الجهاد والسير، باب: الحور العين وصفتها من حديث أنس.
(٢) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>