قوله: ("آمن") بالمد وفتح الميم، قال صاحب "المطالع" ويروى: (أومن) بهمزة مضمومة ثم واو، قال ابن دحية: وكذا قيدناه في رواية الكشميهني والمستملي، وقيده بعضهم (ايتمن) حكاه صاحب "المطالع"، وقيده بعضهم:(إيمن) بهمزة مكسورة بعدها ياء وميم مضمومة، حكاه ابن دحية، وكله راجع إلى معنى الإيمان، وعن القابسي:(أمن) من الأمان بالقصر مع كسر الميم، وليس موضعه، وإنما معناه أن الله أيد كل نبي بعثه من الآيات -يعني: المعجزات- بما يصدق دعواه كما سلف، وقيل: إن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء فآمن به البشر، وأما معجزتي العظمى الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله؛ فلهذا أنا أكثرهم تابعًا.
وقيل: معناه أن الذي أوتيت لا يتطرق إليه تخيل بسحر وشبهه، بخلاف معجزة موسى، فإنه قد يخيل الساحر بشيء ما يقارب صورة، كما خيلت السحرة في صورة عصا موسى.
وقيل: إن معناه: أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم ولم يشاهدها إلا من حضر، ومعجزة نبينا القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات وعجز الإنس والجن عن أن يأتوا بسورة مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته فلم يقدروا وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه الإعجاز.
وقال ابن الجوزي: الإشارة بالآيات الحسيات كناقة صالح وعصا موسى وإحياء الموتى، فهذِه معجزة ترى بالحس، ومعجزة نبينا الكبرى هي القرآن، فهي تشاهد بعين العقل، وقد كان في جمهور الأمم السالفة بَلَادَةٌ حتى قال قائلهم: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة،