للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو عبد الله القرطبي- على أن السبعة التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف الذي جمع عليه عثمان المصاحف.

وقال الطحاوي (١): إنما كانت سعة للناس في الحروف؛ لعجزهم عن أخذ القرآن العظيم، على غير لغاتهم؛ لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظمية، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذ كان المعنى متفقًا، وكانوا كذلك حتى كثر من يكتب منهم وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقدروا بذلك على تحفظ ألفاظه فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها (٢).

قال أبو عمر: فلما ارتفعت تلك الضرورة ارتفع حكم هذِه السبعة الأحرف وعاد القرآن حرفًا واحدًا (٣).

قال أبو العباس: وأما القراءات السبعة التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة؛ فقال كثير من علمائنا -كالداودي والمهلب وغيرهما-: إنها ليست من الأحرف السبعة التي اكتفت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة التي جمع عليها عثمان المصاحف، ذكره النحاس وغيره، وهذِه القراءات هي اختيارات أولئك السبعة، وذلك أن كلَّ واحدٍ منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى، فالتزم طريقه ورواه وأقرأ به فاشتهر عنه وعرف به ونسب إليه فقيل: حرف نافع، وحرف ابن كثير، ولم يمنع أحد اختيار الآخر -وكلٌّ صحيح- ولا أنكره، بل سوغه وجوزه، وكل واحد من هؤلاء السبعة روي عنه اختياران أو أكثر


(١) "شرح مشكل الآثار" ٨/ ١٢٥.
(٢) "تفسير القرطبي" ١/ ٣٧.
(٣) "التمهيد" ٨/ ٢٩٤، "الاستذكار" ٨/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>