للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكل صحيح. وقد أجمع المسلمون في هذِه الأعصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة ما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات، فاشتهر الإجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب (١).

وقال ابن بطال: قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث، ولم أجد فيه قولًا يسلم من المعارضة، وأحسن ما رأيته ما نقله أبو عمرو الداني في بعض كتبه ولم يسم قائله قال: إني تدبرت معنى هذا الحديث وأنعمت النظر فيه بعد وقوفي على أقاويل السلف والخلف، فوجدته متعلقًا بخمسة أوجه وهي محيطة بجميع معانيه: ما معنى الأحرف وكيف تأويلها؟ ما وجه إنزال القرآن على هذِه الأحرف السبعة؟ وما المراد بذلك في أي شيء يكون اختلافها؟ وعلى كم معنى يشتمل اختلافها؟ وهل هي كلها متفرقة في القرآن موجودة فيه في ختمة واحدة حتى إذا قرأ القارئ بأي حرف من حروف الأئمة القُرَّاء بالأمصار المجمع على إمامتهم فقد قرأ بها كلها، أم ليست كلها متفرقة فيه وموجودة في ختمة واحدة؟

فأما الأول فهو يتوجه على وجهين: أحدهما: سبعة أوجه من اللغات، وهذا قدمناه عنه؛ بدليل قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: ١١] أي: الوجه والنعمة.

الثاني: أن يكون الشارع سمى القراءات أحرفًا على طريق السعة مجازًا كما يسمون الرسالة والخطبة كلمة؛ إذ كانت الكلمة منها.

قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: ١٣٧] وقيل: المراد بهذِه الكلمة {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ} الآية [القصص: ٥].


(١) "المفهم" ٢/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>