ومنها: التصرف في اللغات نحو الإظهار إلى آخر ما سلف.
وقد ورد التوقيف عن الشارع بهذا الضرب من الاختلاف وأذن فيه لأمته في الأخبار الثابتة، وقد روى أبو عبيد، عن نعيم بن حماد، ثنا بقية، عن حصين بن مالك قال: سمعت شيخًا يكنى أبا محمد، عن حذيفة رفعه:"اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها"(١): مذاهبها وطباعها.
ووجه هذا الاختلاف في القرآن أنه - عليه السلام - كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام عرضة، وفي عام موته عرضتين، وكان جبريل يأخذ عليه في كل عرضة بوجه من هذِه الوجوه والقراءات المختلفة؛ ولذلك قال أن القرآن أنزل عليها، وأنها كلها كاف شاف. وأباح لأمته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها إذ كانت كلها من عند الله منزلة ومنه - عليه السلام - مأخوذة، ولم يلزم أمته حفظها كلها ولا القراءة بها بأجمعها، بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت منها، كتخييرها في كفارة حنث اليمين والفدية، ألا ترى أنه - عليه السلام - صوب من قرأ ببعضها كما صوب قراءة هشام وعمر حين تناكرا القراءة، وأقر أنه كذلك قرئ عليه، وكذا أنزل عليه.
وأما الرابع؛ فإنه يشتمل على ثلاث معان: اختلاف اللفظ والمعنى واحد كـ {الصِّرَاطَ} كشما سلف. و {عَلَيْهِمْ} و {إِليْهِم} بضم الهاء مع إسكان الميم وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها وشبه ذلك.