إنما شبه - عليه السلام - صاحب القرآن بصاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها، وأنه يتفصى من صدور الرجال؛ لقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} [المزمل: ٥] فوصفه بالثقل، ولولا ما أعان عباده على حفظه ما حفظوه. قال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)} [القيامة: ١٧] وقال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)} [القمر: ١٧] فبتيسير الله تعالى وعونه لهم عليه بقي في صدورهم.
وقوله: ("أشد تفصِّيًا") أي: تفلتًا وذهابًا، وهو بالفاء والصاد المهملة. قال صاحب "العين": فصى اللحم من العظم: إذا انفسخ، والإنسان تفصى من الشيء إذا تخلص منه والاسم التفصية، والإبل والبقر والغنم لا واحد له من لفظه، والمعنى أنه شبه من يتفلت منه بعض القرآن بالناقة التي انفلتت من عقلها (١).
فصل:
قوله: ("آيه كيت وكيت") وهو مئل إلا أنه لا يقال للمؤنث، قاله الداودي، وهي كلمة يعبر بها عن الجمل الكثيرة. قال: كيت نقلت كناية عن الأفعال، وذيت وذيت إخبار عن الأسماء، وزعم أبو السعادات أن أصلها كيّة بالتشديد، والياء فيها بدل من إحدى التائين، والهاء التي في الأصل محذوفة، وقد تضم التاء وتكسر.