للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ("بل هو نُسِّي") يعني أنه عوقب بالنسيان على ذنب كان منه أو على سوء تعهده له، والقيام بحقه، وقيل: إنه خاص بزمانه - عليه السلام - والقرآن ينسخ ويرفع فيذهب رسمه وتلاوته ويشتد حفظه عن حملته فيقول القائل منهم: نسيت آية كيت وكيت، فنهاهم عن هذا القول؛ لئلا يتوهموا على محكم القرآن الضياع، فأعلمهم أن الذي يكون من ذلك إنما هو بإذن الله؛ ولما فيه من الحكمة والمصلحة في نسخه ومحوه من قلبه، وأما قول المرء: نسيت كذا. فجائز؛ قال فتى موسى - عليه السلام -: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: ٦٣].

وقال القرطبي: اختلف العلماء في متعلق هذا (الذنب) (١) فقال بعضهم: هو على نسبة الإنسان لنفسه النسيان إذ لا صنع له فيه، فالذي ينبغي له أن يقول أُنسيت مبنيًّا لما لم يسم فاعله، وهذا ليس بشيء؛ لأنه - عليه السلام - قد نسب النسيان إلى نفسه؛ ففي البخاري -كما سيأتي- عن عائشة رضي الله عنها سمع - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقرأ فقال: "يرحمه الله لقد أذكرني بكذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا" (٢) وفي لفظ: "أنسيتها" (٣). وفي آخر: زاد عباد بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت عباد بن بشر يصلي في المسجد. الحديث (٤).

وقد نسبه الله تعالى له في قوله {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ} [الأعلى: ٦ - ٧] أن ينسيكه كما قرأت الجماعة {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ


(١) كذا بالأصل، وفي "المفهم" ٢/ ٤١٨: (الذم).
(٢) سيأتي برقم (٥٠٣٧).
(٣) يأتي برقم (٥٠٣٨).
(٤) سلف برقم (٢٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>