للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنكح عمر رجلًا وهو يمشي (١).

فصل:

والبيان: الإتيان بلفظ آخر لا يزيد على كشف معناه بزيادة ألفاظ رائعة تستميل القلوب وتجلبها، كما أن السحر يخرجها عن حد الاْعتدال، وهذا إذا كان اللفظ فيه صدقًا وجائزًا، والمقصود به بغير الحق كان ممدوحًا، فقد كان لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيب يلقى به الوافدين وهو ثابت بن قيس، وشاعر وهو حسان بن ثابت، وإذا كان البيان على ضد ذَلِكَ كان الذم لذلك لا للفظ، كالشعر فإنه يذم بما يتضمنه ويمدح لا للنظم.

وقيل: البيان: ما تقع به الإبانة عن المراد بأي لغة كان، ولم يرد بالسحر هذا النوع، وإنما أراد به بيان بلاغة وحذق، وهو ما دخلته الصيغة بالتحسين لألفاظه حَتَّى يستميل به قلوب سامعيه، فهذا يشبه السحر في جلب القلوب، وربما حول الشيء عن ظاهر صورته فيبرزه للناظرين في معرض غيره، فهذا يمدح فاعله، والمذموم من هذا الفصل أن يقصد به الياطل واللبس فيوهمك المنكر معروفًا، وهذا مذموم، وهو أيضًا يشبه بالسحر، إذ السحر صرف الشيء عن حقيقته قال تعالى: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: ٨٩] أي: يصرفون، وهذا من باب تسمية الشيء ببعض معناه؛ لأنه سمى البيان سحرًا، وإنما هو مضارع للسحر. وحكي عن يونس أن العرب تقول: ما سحرك عن وجه كذا. أي: صرفك (٢).


(١) "المصنف" ٤/ ٣٥، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٣٦٤)، وفي "الإرواء" (١٨٢٤).
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>