للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن عمر بن عبد العزيز أن رجلًا سأله حاجة فاعتاض عليه قضاؤها، فرفق له الرجل في القول، فقال: إن هذا هو السحر الحلال، وأنجزها له.

فصل:

في الحديث فضل البلاغة والمجاز والاستعارة، وجواز الإفراط في المدح؛ لأنه لا شيء في الإعجاب والأخذ بالقلوب يبلغ مبلغ السحر، وإنما تحمد البلاغة و (اللسانة) (١) إذا لم تخرج إلى حد الإسهاب والتفيهق، فقد جاء في أبي داود: "أبغضكم إلى الله الثرثارون المتفيهقون" (٢) وكان هذا -والله أعلم- إذا كان ممن يحاول تزيين الباطل وتحسينه بلفظ ويريد إقامته في صورة الحق، فهذا هو المكروه الذي ورد فيه التغليظ.

وأما قول الحق فجميل على كل حال، كان فيه إطناب أو لم يكن إذا لم يتجاوز الحق، غير أن أوساط الأمور أعدلها. وقد اتفق علماء اللغة وغيرهم على مدح الإيجاز، والاختصار في البلاغة، وإدراك المعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة (٣). وقيل: المراد بالبيان هنا: الذم.

واستدل متأول ذَلِكَ بادخال ملك هذا الحديث في باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله (٤)، وهو مذهبه في تأويل الحديث والأول أولى، قال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: ٣، ٤].


(١) في الأصول: اللسن، والمثبت من "التمهيد".
(٢) الحديث ليس عند أبي داود، بل هو عند الترمذي برقم (٢٠١٨) من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) انظر ما سبق في "التمهيد" ٥/ ١٧٤، ١٧٦.
(٤) "الموطأ" ص ٦١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>