للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تذكر بعضًا دون بعض، فإنها إن ذكرت شيئًا تسبب به إلى ذكر شيء آخر، فرأت الإمساك أولى، يدل على هذا ما وقع في بعض طرقه: أخاف أن لا أذره من سوء. قال عياض: أرى -والله أعلم- أن زوج هذِه كان مستور الظاهر رديء الباطن، فلم ترد هتك ستره، وأنها إن تكلمت بما عاقدت عليه صواحبها كشفت من قبائحه ما استتر، بل لَوَّحت وما صرَّحت، وجملت وما شرحت، واكتفت بالإيماء والإجمال في الخبر عنه، ولم تهتك الحجاب عن عوراته ما عرفت منه (١).

الوجه الثامن: قول الثالثة: (الْعَشَنَّقُ) -بفتح العين المهملة، ثم شين معجمة، ثم نون مشددة، ثم قاف- وهو الطويل، قاله الأصمعي وأبو عبيد (٢). وعبارة الجوهري عن الأصمعي أنه الطويل الذي ليس بمقل ولا ضخم، من قول عشانقة، والمرأة عشنَّقة (٣)، تقول: ليس عندي شيء أكثر من طوله بلا نفع فله مَنْظر بلا مَخْبر، والطول في الغالب دليل السفَهِ، وقد علل ذلك ببعد الدماغ من القلب، فإن ذَكَرْت ما فيه من العيوب طلقني، وإن سكت تركني معلقة لا أيمًا ولا ذات بعل. ومنه قوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: ١٢٩]. وخطأهم في ذلك عبد الملك بن حَبيب وقال: العشنق: المقدام على ما يريد الشرس في أموره، بدليل وصفها له (٤). وقال أبو سعيد النيسابوري: الصحيح غير ما ذكره أبو عبيد أنه من الرجال الطويل النجيب، الذي ليس أمره إلى امرأته وأمرها إليه، فهو يحكم فيها بما يشاء وهي


(١) "بغية الرائد" ص ٦١ - ٦٢.
(٢) "غريب الحديث" ١/ ١٩٩.
(٣) "الصحاح" ٤/ ١٥٢٥ - ١٥٢٦.
(٤) انظر: "بغية الرائد" ص ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>