للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرم الله أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا؛ فكذلك ضربهن بغير ما اكتسبن حرام.

قال: والصواب أنه غير جائز لأحد ضرب أحد ولا أذاه إلا بالحق؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: ٥٨]. سواء كان المضروب امرأة أو مملوكًا أو صغيرًا؛ لأن الله تعالى قد أباح لهؤلاء ضرب من ذكر بالمعروف على ما فيه صلاحهم.

وأما حديث: "لا ترفع عصاك عن أهلك" (١) فمحمول على الترهيب في ذات الله؛ لئلا يركبوا ما لا ينبغي، فتبقى سبة، إذ كان - عليه السلام - قيمًا على أهله وراعيًا عليهم، كما جعل الأمير راعيًا على رعيته، وعلى الراعي رعاية رعيته بما يصلحهم دِينًا ودُنيا، يوضحه قوله لفاطمة بنت قيس: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه" (٢). أعلمها شدته على أهله، فلو كان ما ذكروه لم يكن لتزهيده فيه بما ذكر معنى، إذ الوعظ لا يوجب لصاحبه ذمًّا وقدحًا (٣). وقد جاء: "أما أبو جهم فضراب للنساء" (٤).

فصل:

وفيه: أن لذي السلطان وغيره اتخاذ الحجبة؛ ليحول بينه وبين من أراده، ومن الوصول إليه إلا بإذنه لهم؛ لقول عمر - رضي الله عنه - (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له، وعلى بابها غلام أسود).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه مسلم (١٤٨٠) كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها.
(٣) هنا انتهى كلام الطبري رحمه الله. انظر "تهذيب الآثار" مسند عمر ١/ ٤٠٧ - ٤٢٥ بتصرف.
(٤) رواه مسلم (١٤٨٠/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>