للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مضت خمسون ليلة، وإنما ذلك على ظاهر المعصية لله وللزوج. فأما ما يدور من المغاضبة بين الرجلين من الخلاف والكلام فلا يجوز المهاجرة فوق ثلاث ليالٍ.

قال بعض أهل العراق: أمر الله تعالى بهجرهن وضربهن؛ تذليلًا منه للنساء وتصغيرًا لهن على إيذاء بعولتهن، ولم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحًا إلا في ذلك، وفي الحدود العظام، فساوى معصيتهن لأزواجهن بمعصية أهل الكبائر، وولّى الأزواج ذلك دون الأئمة، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات من الله للأزواج على النساء، وإنما يكره من ضرب النساء التعدي فيه والإسراف، كما قاله المهلب قال: وقد بين الشارع ذلك فقال: "ضرب العبد" من أجل الرق فوق ضرب الحر؛ لتباين حالتيهم؛ ولأن ضرب النساء إنما جوز من أجل امتناعها على زوجها من المباضعة.

واختلف في وجوب ضربها في الخدمة، والقياس يوجب أنه إذا جاز في (المباضعة) (١) جاز في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف (٢)، وأما ابن حزم فقال: لا يلزمها أن تخدم زوجها في شيء أصلًا: لا في عجين، ولا في طبيخ، ولا كنس، ولا فرش، ولا غزل ولا غير ذلك. ثم نقل عن أبي ثور أنه قال: عليها أن تخدمه في كل شيء.

ويمكن أن يحتج له بالحديث الصحيح أن فاطمة شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تجد من الرحى، وبقول (أسماء) (٣): كنت أخدم الزبير (٤).


(١) في الأصول: المبالغة، والمثبت من "ابن بطال".
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٣٢٥.
(٣) من (غ).
(٤) سلف برقم (٣١٥١)، ورواه مسلم (٢١٨٦/ ٣٥) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>