للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الحديث المرفوع: "لعن المحلل (١) والمحلل له" فهو حق إلا أنا وسائر خصومنا لا نختلف أن هذا اللفظ منه - عليه السلام - ليس عامًا لكل محل، ولو كان كذلك -وأعوذ بالله-، لكان كل واهب وكل موهوب، وكل بائع وكل مبتاع، وكل ناكح وكل منكح، داخل في هذا؛ لأن هؤلاء كلهم محلون بشيء كان حرامًا وتحل لهم أشياء كانت حرامًا عليهم.

هذا ما لا شك فيه، فصح يقينًا أنه - عليه السلام - أراد بعض المحلين وبعض المحلل لهم. والعجب في المخالفين لنا يقولون فيمن تزوج امرأة وفي نيته ألا يمسكها إلا شهرًا ثم يطلقها إلا أنه لم يذكر ذلك في نفس العقد، فإنه نكاح صحيح، وهو مخير، إن شاء طلقها وإن شاء أمسكها، وأنه لو ذكر ذلك في نفس العقد لكان عقدًا فاسدًا مفسوخًا، فأي فرق بين ما أجازوه وبين ما منعوا منه؟ لا سيما وفي حديث رفاعة "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ " فلم يجعل إرادتها الرجوع إلى الذي طلقها ثلاثًا مانعًا من رجوعها إذا وطئها الثاني، فصح أن المحل الملعون هو الذي تزوجها ليحلها ثم يطلقها، يعقدان النكاح على هذا، فهو حرام مفسوخ أبدًا؛ لأنهما تشارطا شرطًا يلتزمانه، ليس في كتاب الله إباحة التزامه، فلو أخذ كذلك أجرة فهي أجرة حرام وفرض ردها (٢).

قال: وروينا عن الشعبي أنه قال: لا بأس بالتحليل إذا لم يأمر به الزوج (٣).

قلت: وعند ابن أبي حاتم من حديث موسى بن مُطير، عن أبيه عن رجل من الصحابة، أن رجلاً طلق امرأته ثلاثًا ثم تزوجت زوجًا غيره


(١) في الأصول: (المحل)، والمثبت من "المحلى" ١٠/ ١٨٣.
(٢) "المحلى" ١٠/ ١٨٣، ١٨٤.
(٣) "المحلى" ١٠/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>