للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما قيل للشعبي: إن عكرمة يزعم أن الطلاق بعد النكاح. قال: خبر من مولى ابن عباس.

وقال قدامة: قلت لسالم: رجل قال: كل امرأة يتزوجها فهي طالق، وكل جارية يشتريها فهي حرة. قال: أما أنا فلو كنت لم أنكح ولم أشتر. وعن مكحول: توجب عليه (١).

قال ابن حزم: نظرنا فيما احتج به من أجازه بكل حال -وهو أبو حنيفة وعثمان البتي- فوجدناهم لا يخالفوننا فيمن قال لامرأته: أنت طالق إذا بِنْت مني. ليس بشيء، فصحّ أن الطلاق معلق بالوقت الذي أضيف إليه، وهذا فاسد؛ لأنه لم يخرج الطلاق كما أمر، بل لم يوقعه (حيث يظن به واقعة) (٢) حيث لا يقع، فهو باطل.

فإن قالوا: قسناه على النذر قلنا: النذر جاء فيه نصّ، وتقديم الطلاق لم يأت فيه نصّ، والنذر قُربة بخلافه، وهم لا يخالفوننا في أن من قال: عليَّ نذر لله أن أطلق زوجتي. أنه لا يلزمه طلاقها، وهذا يبطل ما ادعوه في قوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]؛ لأن الطلاق عقد لا يلزم الوفاء به لمن عقده علي نفسه بما عقد أن يطلق، إلا أنه لم يطلق، فليس من العقود التي أمر الله بها قبل أن توقع.

فإن قالوا: قسناه على الوصية. قلنا: هذا من أرذل القياسات؛ لأن الوصية نافذة بعد الموت، ولو طلق الحي بعد موته لم يجز، والوصية قُربة، بل هي فرض، والطلاق ليس فرضًا ولا قُربة.


(١) انظر هذِه الآثار في "مصنف ابن أبي شيبة" ٤/ ٦٧.
(٢) هكذا في الأصول، وفي "المحلى": حين نطق به، وأوقعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>