ثم إنا لم نجده صحيحًا عن أحد من الصحابة؛ لأن الرواية عن عمر موضوعة، فيها ياسين وهو هالك، وأبو محمد وهو مجهول، ثم هو منقطع بين أبي سلمة وعمر.
ثم نظرنا في قول من ألزمه إن خصَّ دون ما إذا عمَّ، فلم نجد لهم حجة أكثر من قولهم: إذا عمَّ فقد ضيق على نفسه.
قلنا: ما ضيق، بل له في الشراء فسحة، ثم هبْكَ أنه ضيق، فأين وجدتم أنَّ الضيق في مثل هذا يحيى الحرام؟ وأيضًا فقد يخاف في امتناعه من نكاح التي خصَّ طلاقها إن تزوجها، أكثر مما يخاف لو عمّ، لكلف بها.
ووجدناه أيضًا لا يصح عن أحد من الصحابة؛ لأنه إما منقطع، وإما من طريق المرهبي، وليس بالمشهور.
ثم رجعنا إلى قولنا، فوجدنا الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١] فلم يجعل الله الطلاق إلا بعد النكاح، والعجب من المخالف القياس، إذ لا خلاف عندهم فيمن قال لامرأة: إذا طلقتك فأنت مرتجعة مني. فطلقها، أنها لا تكون مرتجعة حتى يبتدئ النطق بارتجاعه لها، ووجدناهم لا يختلفون فيمن قال: إذا قدم أبي فزوجني من نفسك فقد قبلت نكاحك. قالت هي وهي مالكة أمر نفسها: إذا جاء أبوك فقد تزوجتك ورضيت بك زوجًا. فقدم أبوه، فإنه ليس بينهما نكاح أصلاً، ولا يختلفون فيمن قال: إذا كسبت مالاً فأنت وكيلي في الصدقة به، فكسب مالاً، فإنه لا يكون الآخر وكيلًا في الصدقة حتى يبتدئ اللفظ بتوكيله. فلا أدري من أين وقع لهم جواز تقديم الطلاق والظهار قبل النكاح.