للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك لا يختلفون فيمن قال لآخر: زوجني ابنتك إن ولدتها فلانة. فولدت له فلانة، فإنها لا تكون بذلك زوجة، وقد جاء إنفاذ هذا النكاح عن ابن مسعود والحسن، ولا يعرف لعبد الله في ذلك مخالف من الصحابة (١).

قلت: والمخالف يقول: هذا تعليق ليس بطلاق، والتعليق ليس طلاقًا في الحال، فلا يشترط قيام الملك، لا سيما وقد قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥] وهو دليل علي أن النذر المضاف إلى الملك إيجاب في الملك وإن لم يكن موجودًا في الحال، وقد جعله الله نذرًا في الملك، وألزمه الوفاء به، فكذا هذا؛ إذ لا فرق بينهما، والخلاف واحد.

قال ابن التين: واحتجاج البخاري بالآية في ذلك لا دلالة فيها علي أنه لا يلزم إذا وقع بالشرط قبل النكاح.

والحاصل من الخلاف ثلاث مذاهب: اللزوم: إذا عين أو ضرب أجلًا يسيرًا، وهو مذهب مالك (٢). وعدمه مطلقًا، وهو مذهب الشافعي (٣). واللزوم مطلقًا وإن عم، وهو مذهب أبي حنيفة (٤).

قال ابن المنذر: اختلف العلماء فيمن حلف بطلاق من لم ينكح علي ثلاثة مذاهب: لا طلاق قبل نكاح، وهو قول عائشة وابن عباس، واحتج ابن عباس في ذلك بالآية المذكورة، وقال: جعل الله الطلاق بعد النكاح.


(١) "المحلى" ١٠/ ٢٠٧، ٢٠٨.
(٢) انظر: "المنتقي" ٤/ ١١٥.
(٣) انظر: "مختصر المزني" ٤/ ٥٦.
(٤) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>